الخليج الاقتصاديمنوعات الخليج

أزمة الأرجنتين. حصيلة من السياسات الخاطئة

– الأرجنتين.. نموذج لفشل برامج الإصلاح الاقتصادي وسوء الإدارة!

– أزمة “بوينس آيرس” محصلة سنوات من السياسات الخاطئة

– أكبر خطيئتين يمكن أن ترتكبها الحكومات هما: الاقتراض بلا هدف تنموي.. وطباعة العملة بلا سقف

– قروض الأرجنتين تمثل 30% من إجمالي قروض صندوق النقد الدولي!

تعد الأرجنتين -مع الأسف- نموذجاً لفشل برامج الإصلاح وسوء الإدارة، ووصفة لكيف تدمر اقتصاد دولة كان من المفترض أن تكون من أقوى دول أميركا الجنوبية.

أزمة الارجنتين هي محصلة لسنوات من السياسات الخاطئة وصلت بها إلى أن عملتها أصبحت لا قيمة لها، ونسبة التضخم تتجاوز اليوم الـ 200%، ووصلت إلى 300% في بعض السنوات، ونسبة الفقر 40%.

وإذا كانت التجربة الأرجنتينية لها إيجابية واحدة؛ فهي أن نتعلم منها ماذا لا نفعل حتى لا نصل إلى نفس النتيجة الكارثية.

تعود بدايات الأزمة إلى العام 1946، مع تولي الجنرال خوان بيرون، السلطة، ليتبع سياسات اشتراكية تدعم فيها الدولة الطبقة الفقيرة من خلال دعم السلع الاستراتيجية subsidies مثل الوقود، ورفع الرواتب الحكومية والإنفاق الاستهلاكي، إلى جانب اتباع نوع من العزلة السياسية عن العالم مثل ما هو حال كل الدول الاشتراكية.

 

خلال السنوات التي تلت ذلك، اتجهت الأرجنتين إلى الاقتراض بنهمٍ شديد؛ للإنفاق على الدعومات والرواتب، ولم توجه هذه الأموال إلى المشروعات ذات العوائد ولا حتى على البنية التحتية، ولكي تستطيع الحكومات المتعاقبة تلبية نفس نمط الإنفاق اضطرت إلى طباعة العملة (البيزو)؛ لكي توفر الأموال اللازمة.

أكبر خطيئتين 

ومن هنا نرى أن أكبر خطيئتين من الممكن أن ترتكبها الحكومات في حق شعوبها؛ هما الاقتراض بلا هدف تنموي، وطباعة العملة بلا سقف.. وصفة سريعة إلى التضخم الكارثي.

مع العلم بأن أكبر دولة مقترضة في العالم هي الولايات المتحدة الأميركية (34 تريليون دولار )، وأكثر عملة يتم طباعتها بلا غطاء من الذهب هي الدولار.

56587ce944

واليوم أصبحت عملة الأرجنتين تتداول في السوق السوداء بنحو ثلث السعر الرسمي، وعلى الرغم من أن السوق السوداء في الارجنتين مجرّمة، إلا أن الحكومة تختار غض الطرف، حتى أن تجار العملة ينتشرون في الطرقات أمام أعين رجال الشرطة، فالسوق السوداء أصبحت جزءاً من المنظومة الاقتصادية.

أسعار مختلفة للدولار

ومن النوادر -المبكيات وليس المضحكات- أن الحكومة نفسها لجأت الى إقرار عدة أسعار للدولار؛ فعلى سبيل المثال سعر الصويا، وهي من أكبر الصادرات الأرجنتينية للخارج، حيث يبلغ حجم صادرات الأرجنتين من فول الصويا سنوياً قرابة 9 مليارات دولار، والحكومة تفرض على المزارع ضريبة 33% على عائداته من بيع الصويا، ثم عليه أن يحول ما تبقى من دولارات في البنوك بالسعر الرسمي.

اقرأ أيضاً: قصة مقاطعة أرجنتينية تشكل تحدياً جزئياً لخطة مايلي التقشفية

وبالطبع المزارعون فضلوا عدم بيع المحاصيل؛ لأن هذا يمثل خسارة لهم، مما اضطر الحكومة إلى إقرار سعر للدولار خاص لمزارعي الصويا- يطلق عليه ” دولار الصويا!”
0bad73c8d6

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي انتخبت الأرجنتين رئيساً جديداً غير تقليدي- الرئيس خافيير مايلي- وهو لا يؤمن بالمرة بالنظام الاشتراكي، بل يراه مرادفا للفقر، ويريد أن يطبق نظاماً رأسمالياً عنيفاً، يقوم فيه بخصخصة كل المرافق وإلغاء العملة الأرجنتينية و”دولرة” الدولة وإلغاء البنك المركزي وتقليص عدد موظفي الحكومة وإلغاء الدعومات.

الشيطان يكمن في التفاصيل!

وصفة تبدو حلاً لكل مشاكل الأرجنتين، إلا أن الشيطان يكمن في التفاصيل، وعلينا أن ننتظر ونترقب كيف ستكون تجربة مايلي الجديدة في ثالث أكبر دولة في أميركا اللاتينية، والتي باتت حقل تجارب للنظريات الاقتصادية وبرامج الإصلاح.. وربما الشيء الإيجابي الذي يعد في صالح الرئيس الجديد هو أنه لم يعد لدى الـ 45 مليون مواطن أرجنتيني شيئاً يخسروه.

علق على الخبر بحسابك بالفيسبوك
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى